اعلان

Monday, April 6, 2020

فيروس كورونا: لماذا سيستمر التباعد الاجتماعي لبعض الوقت؟

في الوقت الذي اتخذت فيه الدول حول العالم تدابير صارمة لمنع الاختلاط والتجمعات، تبحث بي بي سي في الأدلة التي تثبت أن تدابير التباعد الاجتماعي تلعب دورا حاسما في مكافحة فيروس كورونا المستجد، وإلى متى ستستمر هذه التدابير لتقييد الحركة ومنع التجمعات.

ي عام 1918، عندما أوشكت الحرب العالمية الأولى على الانتهاء، اجتاح العالم واحد من أشد الأوبئة فتكا في تاريخ البشرية، عرف باسم "الإنفلونزا الإسبانية". وأصاب الوباء أكثر من ربع سكان العالم، وحصد أرواح ما يتراوح بين 50 مليون و100 مليون شخص.
وفي خضم انتشار الوباء، كانت المدن الأمريكية تستعد لتنظيم مواكب وحملات لبيع سندات، للمساهمة في تمويل الاستعدادات للحرب في أوروبا. وأصر عمدة فيلادلفيا على المضي في تنظيم الموكب، رغم إصابة 600 جندي بالفيروس في المدينة، في حين قررت مدينة سانت لويس إلغاء المواكب ووضعت تدابير للحد من التجمعات.
ولم يكد يمر شهر حتى ارتفعت حصيلة وفيات الإنفلونزا الإسبانية في مدينة فيلادلفيا إلى أكثر من 10.000 شخص، بينما لم يتعد عدد الوفيات في سانت لويس 700 شخص.
لا شك أن هناك عوامل أخرى أدت إلى توسيع الفجوة في عدد الوفيات بين المدينتين، لكن هذا المثل يكشف عن أهمية التدابير التي باتت تعرف باسم "التباعد الاجتماعي" عند تفشي الأوبئة.
ويعرّف أريندام باسو، الأستاذ المساعد لعلم الأوبئة والصحة البيئية بجامعة كانتربري بنيوزيلندا، التباعد الاجتماعي بأنه ترك مسافة آمنة بين شخصين أو أكثر للحيلولة دون انتشار الفيروس أو الوقاية منه.

فيروس كورونا: لماذا سيستمر التباعد الاجتماعي لبعض الوقت؟

وأشار تحليل للتدابير الاحترازية التي اتخذتها المدن الأمريكية أثناء جائحة 1918، إلى أن معدلات الوفيات كانت أقل في المدن التي منعت التجمعات وأغلقت المسارح والمدارس والكنائس منذ بداية ظهور الإصابات.
وبعد مرور 100 عام على هذه الجائحة، يواجه العالم الآن وباء آخر سببه فيروس "كورونا المستجد"، لكن عدد السكان الآن أعلى منه في عام 1918 بنحو ستة مليار نسمة. ورغم اختلاف الفيروسين، ولا سيما من حيث الشرائح العمرية الأكثر تأثرا، إلا أنه يبدو واضحا أن التباعد الاجتماعي لعب دورا كبيرا في الحد من انتشار الوباء في عام 1918، ولا يزال يعد واحدا من أفضل الطرق لمكافحة الجوائح.
التفاوت في معدلات الوفيات بين فيلادلفيا وسانت لويس أثناء جائحة الإنفلونزا الإسبانية يكشف عن أهمية التباعد الاجتماعي
ويقول باسو: "في الوقت الراهن، لم نتوصل إلى لقاح فعال، ولا نعرف دواء آمنا وفعالا يصلح للقضاء على فيروس كورونا المستجد فور ظهور أعراضه. ونراهن الآن على الإجراءات الوقائية للحد من انتشار الفيروس".
واتخذت دول عديدة حول العالم تدابير مختلفة للإبطاء من انتشار فيروس كورونا المستجد، مثل منع التجمعات وإغلاق مراكز التجمع، مثل المراكز الترفيهية وإغلاق المدارس وفرض الحجر الصحي لإجبار الناس على البقاء في منازلهم، وكلها تدخل تحت إطار التباعد الاجتماعي.
وثمة فارق بين العزل الذاتي والتباعد الاجتماعي. فالعزل الذاتي والحجر الصحي هما إجراءان يهدفان لمنع الأشخاص المصابين أو الذين خالطوا أشخاصا مصابين بالفيروس من نشر العدوى.
لكننا ربما نحتاج للالتزام بالتباعد الاجتماعي لبعض الوقت. إذ حذر بحث حديث أجرته جامعة هارفارد باستخدام نماذج المحاكاة بالحاسوب، من أن تدابير التباعد الاجتماعي قد تفرض من وقت لآخر حتى عام 2022 في الولايات المتحدة، ما لم يتوصل العلماء لوسائل أخرى فعالة مثل اللقاحات أو الأدوية لكبح انتشار الفيروس، وقد تطبق تدابير صارمة للحجر الصحي.
إذ يتوقع الباحثون أن يشهد العالم موجة ثانية من تفشي الفيروس بنهاية العام الحالي، في حال استجاب الفيروس للتغيرات الموسمية، وتراجعت حالات الإصابة في فصل الصيف.

    وهناك أسباب عديدة أدت إلى تبني سياسية التباعد الاجتماعي بوصفها واحدة من أفضل السبل للحد من انتشار وباء كورونا المستجد. إذ يعتقد العلماء أن كل شخص مصاب بفيروس كورونا المستجد قد ينقله إلى شخصين أو ثلاثة أشخاص في المراحل الأولى لتفشي الفيروس. ويقاس معدل انتقال العدوى بمؤشر التكاثر الأساسي، وبينما يتراوح مؤشر التكاثر الخاص بفيروس الإنفلونزا، بحسب سلالته، بين 1.6 و3.4، فإن التقديرات تشير إلى أن مؤشر تكاثر كورونا المستجد يتراوح بين 1.4 و3.9.

    BBC Arabic - الرئيسية https://ift.tt/2Xdh0YI

    No comments:

    Post a Comment

    برجاء اكتب تعليقك هنا